العرض في الرئيسةفضاء حر

جنوب السودان حروب إبادة وصمت غربي .. لماذا..؟

يمنات

محمد محمد المقالح

منذ اليوم الاول الذي انفصلت فيه جنوب السودان عن شمالها 9 يوليو/تموز 2011، و هي تشهد اقتتالا داخليا “مستمرا ومتقطعا” ارتكبت فيها مجازر لا حدود لها و قتل فيها عشرات الالاف حتى الآن، بالإضافة الى مئات الالاف  من النازحين و اللاجئين قسرا داخل و خارج دولة  “جنوب السودان”.

و رغم كل هذه المجازر و حروب التطهير العرقي التي تحدث بين السلطة و معارضيها تارة و بين قبائل بدائية بعضها ضد بعض تارة اخرى، الا ان الغرب الاوربي و العالم كله صامت و لا حديث جدي عن جرائم او حقوق انسان  ويتواطأ مع هذا الصمت السياسي جميع التابع الغربية من صحافة و منظمات حقوقية و غيرها من المنظمات المعنية. و لكن لماذا..؟

لقد كان الغرب و بالتواطؤ مع النظام السوداني الاسلاموي وراء قرار انفصال جنوب السودان عن الدولة الام “جمهورية السودان الديمقراطية” مستخدما حينها عناوين انسانية و حقوقية كحق تقرير المصير و الادعاء بارتكاب مجازر و انتهاكات واسعة للجيش السوداني ضد الجنوبيين و ممنيا الجنوبيين بأن الانفصال عن الدولة سيحول جنوب السودان الى جنة على الارض تسبح على بحيرة من النفط و الامن و السلام و الرفاهية، و قد تبين خلاف ذلك تماما، و بالتالي فان الغرب الاوربي و الامريكي اليوم  يتجاهلان ما يحدث و سيحدث من مآسي انسانية في جنوب السوان تخوفا من امكانية اكتشاف العالم لجريمة تمزيق بلد عربي بحجم السودان و خطورة انشاء دول جديدة بلا هويات وطنية راسخة ما يحول الحروب فيها الى حروب ما قبل الهويات الوطنية و الى صراعات قبلية و بدائية تطهيرية، و هو ما يحدث اليوم و تتكتم عليه وسائل اعلام الغرب عمدا..

سلخ جنوب السودان و انشائها دولة مستقلة قسرا بلا أسس لمقومات دولة نسيجا و حدودا و تاريخا، هو الامر الذي سلم الجزء المنفصل للقبائل البدائية المتناحرة التي تظهر طبيعيا حين تغيب الهوية الجامعة و تعتقد كل قبيلة حينها ان الشعب هو جينات ابناء الاسرة و القبيلة و ان حدود الماء و الكلاء هي الهوية التي تستحق الذود عن حياضها.

اليوم التقارير الاممية تقول بأن عشرات الالاف ينتمون الى قبيلة منبوذة محاصرين خلف النهر من قبل مسلحين لقبائل معادية و مهددين بالإبادة الجماعية و يقتل منهم المئات كل يوم من قبل خصومهم من القبائل الاخرى.

و لكن لا احد يتحرك ولا اجتماع لمجلس الأمن و لا تهديد بالتدخل و لا منظمات اغاثة و لا حقوق انسان و لا هم يحزنون، و كل هذا حتى لا يشعر الغرب ان ما ارتكبته مع نظام الخرطوم  في فصل جنوب السودان كان خطيئة كبرى لأنه أي الغرب لا يزال يخبئ المشروع نفسه لبلدان عربية اخرى، و لذلك لا بأس من الصمت عن كل هذه الفضاعات التي تحدث ضد الانسانية هناك.

كم هو الغرب الاوربي و الامريكي حقير و منحط و متوحش لا تنتابه المشاعر الانسانية إلا حين تكون لصالح تقسيم السودان أو سوريا أو اليمن، اما بعد ذلك فلا مشاعر و لا بطيخ.

زر الذهاب إلى الأعلى